فصل: مناسبة الآية لما قبلها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} لتفريع الكلام على الكلام فجملة الشرط وجوابه مفرعتان على الجملتين السابقتين، ولما كان توليهم عن دعوته قد وقع واستمر تعين أن جعل التولي في جملة الشرط مرادٌ به ما كان حصل ليرتب عليه جواب الشرط الذي هو شيء قد وقع أيضًا.
وإنما قُصد إقرارهم به قطعًا لتعللاتهم واستقصاء لقطع معاذيرهم.
والمعنى: فإن كنتم قد توليتم فقد علمتُم أني ما سألتكم أجرًا فتتهموني برغبة في نفع ينجر لي من دعوتكم حتى تعرضوا عنها شُحَّا بأموالكم أو اتهامًا بتكذيبي، وهذا إلزام لهم بأن توليهم لم يكن فيه احتمال تهمتهم إياه بتطلب نفع لنفسه.
وبذلك برّأ نفسه من أن يكون سببًا لتولّيهم، وبهذا تعين أن المعلق بهذا الشرط هو التحقق بين مضمون جملة الشرط وجملة الجزاء لا وقوعُ جملة الجزاء عند وقوع جملة الشرط.
وذلك مثل قوله تعالى: {إن كنت قلته فقد علِمتَه} في آخر سورة [العقود: 116].
وقد تقدم عند قوله تعالى: {وإنْ كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا} في سورة [الأعراف: 87].
وجملة: {إن أجري إلا على الله} تعميم لنفي تطلبه أجرًا على دعوتهم سواء منهم أم من غيرهم، فالقصر حقيقي وبه يحصل تأكيد جملة: {فما سألتكم من أجر} مع زيادة التعميم.
وطريقُ جزمه بأن الله يؤجره على ذلك هو وعد الله إياه به بما أوحى إليه.
وأتى بحرف (على) المفيد لكونه حقًا له عند الله بناء على وعد الله إيَّاه وأعلمه بأن الله لا يخلف وعده، فصار بالوعد حقًا على الله التزم الله به. والأجر: العوض الذي يعطى لأجل عمل يعمله آخذ العوض.
وجملة: {وأمرت أن أكون من المسلمين} معطوفة على جملة الجواب، والتقدير فإن توليتم فأمرت أن أكون من المسلمين، أي أمرني الله أن أتبع الدين الحق ولو كنت وحدي.
وهذا تأييس لهم بأن إجماعهم على التولي عنه لا يفل حده ولا يصده عن مخالفة دينهم الضلال.
وبُني فعل: {أمرت} للمجهول في اللفظ للعلم به، إذ من المعلوم من سياق الكلام أنّ الذي أمره هو الله تعالى.
وقوله: {أن أكون من المسلمين} أي من الفئة التي يصدق عليها هذا الوصف وهو الإسلام، أي توحيد الله دون عبادة شريك، لأنه مشتق من إسلام العبادة وتخليصها لله تعالى دون غيره.
كما في قوله تعالى: {فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعنِ} [آل عمران: 20].
وقد سمي التوحيد ودين الحق الخالص إسلامًا في مختلف العصور وسمَّى الله به سُنن الرسل فحكاه عن نوح عليه السلام هنا وعن إبراهيم بقوله تعالى: {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين} [البقرة: 131]، وعن إسماعيل {ربنا واجعلنا مُسْلِمَين لك} [البقرة: 128]، ويعقوب وبنيه إذ حكى عنهم: {ونحن له مسلمون} [البقرة: 133]، وعن يوسف: {توفني مسلمًا} [يوسف: 101]، وعن موسى: {وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين} [يونس: 8]، وعن سليمان: {أن لا تعلوا علي واتوني مسلمين} [النمل: 31]، وعن عيسى والحواريين: {قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون} [المائدة: 111].
وقد تقدم بيان ذلك مفصلًا عند قوله تعالى: {ربنا واجعلنا مسلمين لك} في سورة [البقرة: 128].
وقوله: {أن أكون من المسلمين} أقوى في الدلالة على الاتصاف بالإسلام من: أن أكون مسلمًا، كما تقدم عند قوله تعالى: {واركعوا مع الراكعين} في سورة [البقرة: 43]، وعند قوله: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} في سورة [براءة: 119]. اهـ.

.قال الشعراوي:

{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ} أي: إن توليتم عن دعوتي لعبادة الإله الحق، فأنا أدعوكم إلى مثيل لكم هو أنا، بل أدعوكم إلى من هو فوقي وفوقكم، فأنا لا أريد أن أستولي على السلطة الزمنية منكم، ولا أبحث عن جاهٍ، فالجاه كله لله تعالى.
والله لا يحتاج إلى جاهٍ منكم لأن جاهه سبحانه ذاتي فيه، ولكن لنمنع جبروتكم وتجبُّركم؛ لتعيشوا على ضوء المنهج الحق؛ لتكون حياتكم صالحة، وكل ذلك لمصلحتكم.
{فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ} [يونس: 72] فهل يُمَالئ نوح عليه السلام أعداءه.
إن الإنسان يُمَالئ العدو؛ لأن يخاف أن يوقع به شرًّا، ونوح عليه السلام لا يخافهم؛ لأنه يعتمد على الله تعالى وحده، بل هو يدلُّهم على مواطن القوة فيهم، وهو يعلم أن قوتهم محدودة، وأن شرهم مهما بلغ فهو غير نافذ، وقد لا يكون منهم شر على الإطلاق، فهل هناك نفعٌ سيعود على نوح عليه السلام ويُمنَع عنه؟
لا؛ لأنه يعلن أنه لا يأخذ أجرًا على دعوته.
هم إذن لا يقدرون على ضُرِّه، ولا يقدرون على نفعه، وهو لا يريد منهم نفعًا؛ لأن مركزه بإيمانه بالله الذي أرسله مركزٌ قويٌّ.
وهو لا يسألهم أجرًا، وكلمة أجر تعني: ثمن المنفعة، والأثمان تكون عادة في المعاوضات، إما أن تكون ثمنًا للأعيان والذوات، وإما أن تكون ثمنًا للمنفعة.
ومثال ذلك: أن إنسانًا يرغب في شراء شقة في بيت فيذهب إلى رجل يملك بيتًا، ويطلب منه أن يبيع له عددًا من الأسهم بقيمة الشقة.
وهناك آخر يريد أن يستأجر شقة فيذهب إلى صاحب البيت؛ ليدفع له قيمة إيجار شقة في البيت، اي: يدفع له قيمة الانتفاع بالشقة، والأجر لا يُدفع إلا لطلب منفعة مُلِحَّة.
وكان على نوح عليه السلام أن يطلب منهم أجرًا؛ لأنه يهديهم إلى الحق، هذا في أصول التقييم للأشياء؛ لأنه يقدِّم لهم نفعًا أساسيًا، لكنه يعلن أنه لا يطلب أجرًا وكأنه يقول: إن عملي كان يجب أن يكون له أجر؛ لأن منفعته تعود عليكم، وكان من الواجب أن آخذ أجرًا عليه.
ولكن نوحًا عليه السلام تنازل عن الأجر منهم؛ لأنه أراد الأجر الأعلى، فلو أخذ منهم؛ فلسوف يأخذ على قدر إمكاناتهم، ولكن الأجر من الله تعالى هو على قدر إمكانيات الله سبحانه وتعالى، وفارق بين إمكانات المحدود العطاء وهو البشر، ومن له قدرة عطاء لا نهاية لها وهو الله سبحانه وتعالى.
وهنا يقول: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ} [يونس: 72].
فهذا التولِّي والإِعراض لا يضرُّني ولا ينفعني؛ لأنكم لا تملكون لي ضُرًّا ولا تملكون لي نفعًا؛ لأني لن آخذ منكم أجرًا.
ومن العجيب أن كل مواكب الرسل عليهم السلام حين يخاطبون أقوامهم يخاطبونهم بهذه العبارة: {مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [ص: 86].
إلا في قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام وقصة موسى عليه السلام، فعن قصة سيدنا إبراهيم يأتي قول الحق سبحانه: {واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 6974].
ولم يأت الحق سبحانه فيها بشيء عن عدم السؤال عن الأجر.
وأيضًا في قصة سيدنا موسى عليه السلام، قال الحق سبحانه: {قَالَ رَبِّ إني أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إلى هَارُونَ وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ قَالَ كَلاَّ فاذهبا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فقولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ العالمين أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بني إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: 1217].
وهنا أيضًا لا نجد قولًا لموسى عليه السلام في عدم السؤال عن الأجر.
أما هنا في قصة نوح عليه السلام فنجد قول الحق سبحانه: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين} [يونس: 72].
وكذلك جاء نفس المعنى في قصة هود عليه السلام، حيث يقول الحق سبحانه: {كَذَّبَتْ عَادٌ المرسلين إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين} [الشعراء: 123127].
وجاء نفس المعنى أيضًا في قوم ثمود، إذ قال الحق سبحانه: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ المرسلين إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين} [الشعراء: 141145].
وكذلك جاء نفس القول على لسان لوط عليه السلام، فيقول الحق سبحانه: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ المرسلين إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين} [الشعراء: 160164].
ونفس القول جاء على لسان شعيب عليه السلام في قول الحق سبحانه: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأيكة المرسلين إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين} [الشعراء: 176180].
إذن: فغالبية الموكب الرسالي يأتي على ألسنتهم الكلام عن الأجر: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [الشعراء: 164].
فكأن الرسل عليهم السلام يقولون للبشر الذين ارسلوا إليهم: لو أنكم فطنتم إلى حقيقة الأمر لكان من الواجب أن يكون لنا أجر على ما نقدمه لكم من منفعة، لكنَّا لا نريد منكم أنتم أجرًا، إنما سنأخذ أجرنا من ربِّ العالمين؛ لأن المنفعة التي نقدمها لكم لا يستطيع بشر أن يقوِّمها، وإنما القادر على تقييمها هو واضع المنهج سبحانه ومُنزِله على رسله.
وها هو القرآن الكريم يأتي على لسان رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ويقول: {قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ المودة فِي القربى} [الشورى: 23].
أما لماذا لم تأت مسألة الأجر على لسان سيدنا إبراهيم عليه السلام فنحن نعلم أن إبراهيم عليه السلام أول ما دعا؛ دعا عمه، وكان للعم حظ تربية إبراهيم، وله على سيدنا إبراهيم حق الأبوة.
وكذلك سيدنا موسى عليه السلام، فقد دعا فرعون، وفرعون هو الذي قام بتربية موسى، وكانت زوجة فرعون تريده قرة عين لها ولزوجها، حتى إن فرعون فيما بعد قد ذكَّره بذلك، وقال: {قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} [الشعراء: 18].
أما هنا في دعوة سيدنا نوح عليه السلام فيأتي قول القرآن على لسان نوح بما يوضِّح الأمر لقوم نوح:
فإن توليتم فلا حزن لي، ولا جزع؛ لأنكم لن تصيبوني بضُرٍّ، ولن تمنعوا عني منفعة؛ لأنكم لم تسألوني أن آتي لكم بالهدى لآخذ أجري منكم، ولكن الحق سبحانه هو الذي بعثني، وهو الذي سيعطيني أجري، وقد أمرني سبحانه أن أكون من المسلمين له حَقًّا وصدقًا.
وفي حياتنا نجد أن صديقًا يرسل إلى صديقه عاملًا من عنده ليصلح شيئًا، فهو يأخذ الأجر من المرسل، لا من المرسل إليه، وهذا أمر منطقي وطبيعي. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)}
إذا كان عملِه لله لم يَطْلُبْ الأجْرَ عليه من غير الله، وهكذا سنَّته في جميع أولياء الله. اهـ.

.تفسير الآية رقم (73):

قوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما لم يردهم كلامه هذا عن غيهم، سبب عنه قوله مخبرًا بتماديهم: {فكذبوه} أي ولم يزدهم شيء من هذه البراهين الساطعة والدلائل القاطعة إلا إدبارًا، وكانوا في آخر المدة على مثل ما كانوا عليه من التكذيب: {فنجيناه} أي تنجية عظيمة بما لنا من العظمة الباهرة بسبب امتثاله لأوامرنا وصدق اعتماده علينا: {ومن معه} أي من العقلاء وغيرهم: {في الفلكِ} كما وعدنا أولياءنا، وجعلنا ذلك آية للعالمين: {وجعلناهم} أي على ضعفهم بما لنا من العظمة: {خلائف} أي في الأرض بعد من أغرقناهم، فمن فعل في الطاعة فعلهم كان جديرًا بأن نجازيه بما جازيناهم: {وأغرقنا} أي بما لنا من كمال العزة: {الذين كذبوا} أي مستخفين مستهينين: {بآياتنا} كما توعدنا يفترون على الله الكذب.
ولما كان هذا أمرًا باهرًا يتعظ به من له بصيرة، سبب عنه أمر أعلى الخلق فهما بنظره إشارة إلى أنه لا يعتبر به حق الاعتبار غيره فقال: {فانظر} وأشار إلى أنه أهل لأن يبحث عن شأنه بأداة الاستفهام، وزاد الأمر عظمة بذكر الكون فقال: {كيف كان} أي كونًا كان كأنه جبلة: {عاقبة} أي آخر أمر: {المنذرين} أي الغريقين في هذا الوصف وهم الذين أنذرتهم الرسل، فلم يكونوا أهلًا للبشارة لأنهم لم يؤمنوا لنعلم أن من ننذرهم كذلك، لا ينفع من أردنا شقاوته منهم إنزال آية ولا إيضاح حجة؛ والتوكل: تعمد جعل الأمر إلى من يدبره للتقدير في تدبيره؛ والغمة: ضيق الأمر الذي يوجب الحزن؛ والتولي: الذهاب عن الشيء؛ والأجر: النفع المستحق بالعمل؛ والإسلام الاستسلام لأمر الله بطاعته بأنها خير ما يكتسبه العباد. اهـ.